«من قواعد إصلاح النفس أن تعلم أن معركة الإنسان تكون مع أعظم خطاياه،
ويعان على تلك المعركة بالفطرة.
فالكافر يدخل معركة التوحيد حتى ينتصر فيؤمن،
فإذا آمن أزّته فطرته لتكون الصلاة معركته؛ فتركها أعظم خطاياه حينها.
ثم لا يزال حتى تستقيم نفسه مع الصلاة،
فينتقل إلى أكبر خطاياه لتكون معركته القادمة؛
ويستمر في الصلاح حتى تراه يدقق في تفاصيل الورع وأعمال القلوب إذا أصلح ما فوقها.
وبهذا نفهم سرّ بكاء من فاته الوتر من الصالحين، فهي معركته الكبرى الحالية،
بيننا يراها من لا زال في رتبة معركة الفرائض سببًا تافهًا للبكاء.
وهكذا يترقى الصالحون حتى يصير اللهو المباح خطيئته العظمى، فيبدأ باستثمار الثواني في زمن يدفع المرء ماله ليضيع وقته.»
بدر آل مرعي
ويعان على تلك المعركة بالفطرة.
فالكافر يدخل معركة التوحيد حتى ينتصر فيؤمن،
فإذا آمن أزّته فطرته لتكون الصلاة معركته؛ فتركها أعظم خطاياه حينها.
ثم لا يزال حتى تستقيم نفسه مع الصلاة،
فينتقل إلى أكبر خطاياه لتكون معركته القادمة؛
ويستمر في الصلاح حتى تراه يدقق في تفاصيل الورع وأعمال القلوب إذا أصلح ما فوقها.
وبهذا نفهم سرّ بكاء من فاته الوتر من الصالحين، فهي معركته الكبرى الحالية،
بيننا يراها من لا زال في رتبة معركة الفرائض سببًا تافهًا للبكاء.
وهكذا يترقى الصالحون حتى يصير اللهو المباح خطيئته العظمى، فيبدأ باستثمار الثواني في زمن يدفع المرء ماله ليضيع وقته.»
بدر آل مرعي
#فضفضة_ارتجالية
#المدبر
في لحظات الاضطراب، حين تضيق الأرض بما رحُبت، ويتعذّر علينا فهم حكمة ما يجري، نرفع أعيننا إلى السماء باحثين عن اسم يربت على قلوبنا…
عن اسم نُسند إليه ضُعفنا، ونَفهم به ما لا نفهمه، ونطمئن إليه حين لا نملك من أمرنا شيئا.
وهنا يستحضر القلب اسم الله "المدبر"
لذا ذهبت أبحث في كتب أهل العلم عن شرح لاسم الله "المدبر"،
فتحت أول كتاب، ووجدت فيه شروحا لعدد من الأسماء… إلا هو.
قلت: لا بأس، أتابع في الثاني، ولم أجد …
ثم الثالث…
والمفاجأة أني لم أجد فيه شيئا أيضا.
أثار الأمر فضولي بشدة، فقررت أن أوسع نطاق البحث.
ولكني صُدمت بالنتيجة نفسها ... لا شيء.
كل ما أملكه من كتب ومراجع لم يُفرد فيه أي منها هذا الاسم بالشرح،
إلا مرجعا واحدا فقط، وهو بالأصل تفريغ لمحاضرة صوتية لا أكثر.
توقفت، وراودني شك في نفسي:
لعلي أخطأت؟ لعل "المدبر" ليس من أسماء الله الحسنى أصلا؟
لكن حين بحثت، وجدت أن بعض أهل العلم قد عدّوه من الأسماء المستنبطة، لا من الأسماء الواردة نصا.
ورغم أن هذا يبرر غياب شرحه من بعض الكتب، إلا أن الأمر لم يزِدني إلا حيرة!
إن كان بعضهم يراه اسما، فلماذا لا يُفصل فيه؟ لماذا لا يُمنح مساحة تليق بعظمة أثره واحتياج قلوبنا له؟
وهنا لمعت الفكرة…
لعل هذا الاسم لا يُشرح بمفرده، بل يُدرج تحت أسماء أخرى،
فقررت الاستعانة بصديقتي ChatGPT،
وكان جوابها مطمئنًا للروح، عميقًا كعمق سؤالي
وفهمت من جوابها أن غياب الاسم لا يعني غياب معناه،
بل قد يكون الاسم "المدبر" قد ذُكر ضمن أسماء كـ: "الحكيم، الخبير، اللطيف، الرزاق…"
فكلها تدل بطريقتها على جوانب من تدبير الله، لكن دون أن يُفرد الاسم نفسه بالذكر.
وتبينت أن سبب الغياب في الغالب،
هو أن "المدبر" اسم مستنبط من أفعال الله، مثل: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}، ولم يرد صراحة بصيغة الاسم،
ومثل هذه الأسماء تختلف فيها آراء العلماء؛
فمنهم من يعدها صحيحة في المعنى، تربوية في الأثر،
ومنهم من يتحفظ على إطلاقها.
لكن ما وصلت إليه…
أن هذا لا يمنعنا من الكتابة عنه، بل لعلّه يحفزنا أكثر.
فالأسماء التي تُلامس واقعنا وتشبه أوجاعنا اليومية، لها في القلوب وقع لا يضاهيه الشرح النظري.
وأحسست أن كل ما جرى لي في رحلة بحثي هذه كان تدبيرا خفيا من الله، يعلمني من خلاله اسم "المدبر" بطريقة أبلغ من القراءة.
فكم من موقف يمر بنا، لا نفهم أسبابه،
ننتظر شيئا فلا يأتي، نبحث عن شيء فلا نجده،
فنغضب، ونرتبك، ونحزن…
لكن لو علمنا أن تدبير الله يعمل في الخفاء،
وأن كل تأخير، كل غياب، كل تغيير…
هو جزء من لوحة متكاملة لا نراها كاملة الآن،
لرضينا، وسكنا، واطمأنت أرواحنا.
نعم…
ربما لم أجد اسم "المدبر" في الكتاب،
لكني وجدته في قلبي.
وجدته في كل لحظة من لحظات حياتي،
في كل خيبة تحولت إلى نجاة،
وفي كل ضيق فتح الله لي منه ألف باب.
اللهم دبر لنا، فإنا لا نحسن التدبير.
اللهم إن خابت اختياراتنا، فاختر لنا ما فيه الخير.
وإن ضعُفت قلوبنا، فاربط عليها بحكمتك، وألبسها برد اليقين.
وإن عجزنا عن الفهم، فاغمرنا برضاك، وثبتنا حتى نرى وجه حكمتك في كل ما قدرت.
يا مدبر الأمر… دبر لنا أمرنا كله، في الدين والدنيا والآخرة،
ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
#المدبر
في لحظات الاضطراب، حين تضيق الأرض بما رحُبت، ويتعذّر علينا فهم حكمة ما يجري، نرفع أعيننا إلى السماء باحثين عن اسم يربت على قلوبنا…
عن اسم نُسند إليه ضُعفنا، ونَفهم به ما لا نفهمه، ونطمئن إليه حين لا نملك من أمرنا شيئا.
وهنا يستحضر القلب اسم الله "المدبر"
لذا ذهبت أبحث في كتب أهل العلم عن شرح لاسم الله "المدبر"،
فتحت أول كتاب، ووجدت فيه شروحا لعدد من الأسماء… إلا هو.
قلت: لا بأس، أتابع في الثاني، ولم أجد …
ثم الثالث…
والمفاجأة أني لم أجد فيه شيئا أيضا.
أثار الأمر فضولي بشدة، فقررت أن أوسع نطاق البحث.
ولكني صُدمت بالنتيجة نفسها ... لا شيء.
كل ما أملكه من كتب ومراجع لم يُفرد فيه أي منها هذا الاسم بالشرح،
إلا مرجعا واحدا فقط، وهو بالأصل تفريغ لمحاضرة صوتية لا أكثر.
توقفت، وراودني شك في نفسي:
لعلي أخطأت؟ لعل "المدبر" ليس من أسماء الله الحسنى أصلا؟
لكن حين بحثت، وجدت أن بعض أهل العلم قد عدّوه من الأسماء المستنبطة، لا من الأسماء الواردة نصا.
ورغم أن هذا يبرر غياب شرحه من بعض الكتب، إلا أن الأمر لم يزِدني إلا حيرة!
إن كان بعضهم يراه اسما، فلماذا لا يُفصل فيه؟ لماذا لا يُمنح مساحة تليق بعظمة أثره واحتياج قلوبنا له؟
وهنا لمعت الفكرة…
لعل هذا الاسم لا يُشرح بمفرده، بل يُدرج تحت أسماء أخرى،
فقررت الاستعانة بصديقتي ChatGPT،
وكان جوابها مطمئنًا للروح، عميقًا كعمق سؤالي
وفهمت من جوابها أن غياب الاسم لا يعني غياب معناه،
بل قد يكون الاسم "المدبر" قد ذُكر ضمن أسماء كـ: "الحكيم، الخبير، اللطيف، الرزاق…"
فكلها تدل بطريقتها على جوانب من تدبير الله، لكن دون أن يُفرد الاسم نفسه بالذكر.
وتبينت أن سبب الغياب في الغالب،
هو أن "المدبر" اسم مستنبط من أفعال الله، مثل: {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ}، ولم يرد صراحة بصيغة الاسم،
ومثل هذه الأسماء تختلف فيها آراء العلماء؛
فمنهم من يعدها صحيحة في المعنى، تربوية في الأثر،
ومنهم من يتحفظ على إطلاقها.
لكن ما وصلت إليه…
أن هذا لا يمنعنا من الكتابة عنه، بل لعلّه يحفزنا أكثر.
فالأسماء التي تُلامس واقعنا وتشبه أوجاعنا اليومية، لها في القلوب وقع لا يضاهيه الشرح النظري.
وأحسست أن كل ما جرى لي في رحلة بحثي هذه كان تدبيرا خفيا من الله، يعلمني من خلاله اسم "المدبر" بطريقة أبلغ من القراءة.
فكم من موقف يمر بنا، لا نفهم أسبابه،
ننتظر شيئا فلا يأتي، نبحث عن شيء فلا نجده،
فنغضب، ونرتبك، ونحزن…
لكن لو علمنا أن تدبير الله يعمل في الخفاء،
وأن كل تأخير، كل غياب، كل تغيير…
هو جزء من لوحة متكاملة لا نراها كاملة الآن،
لرضينا، وسكنا، واطمأنت أرواحنا.
نعم…
ربما لم أجد اسم "المدبر" في الكتاب،
لكني وجدته في قلبي.
وجدته في كل لحظة من لحظات حياتي،
في كل خيبة تحولت إلى نجاة،
وفي كل ضيق فتح الله لي منه ألف باب.
اللهم دبر لنا، فإنا لا نحسن التدبير.
اللهم إن خابت اختياراتنا، فاختر لنا ما فيه الخير.
وإن ضعُفت قلوبنا، فاربط عليها بحكمتك، وألبسها برد اليقين.
وإن عجزنا عن الفهم، فاغمرنا برضاك، وثبتنا حتى نرى وجه حكمتك في كل ما قدرت.
يا مدبر الأمر… دبر لنا أمرنا كله، في الدين والدنيا والآخرة،
ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.
سوزان مصطفى بخيت (متنوعة)
#فضفضة_ارتجالية #المدبر في لحظات الاضطراب، حين تضيق الأرض بما رحُبت، ويتعذّر علينا فهم حكمة ما يجري، نرفع أعيننا إلى السماء باحثين عن اسم يربت على قلوبنا… عن اسم نُسند إليه ضُعفنا، ونَفهم به ما لا نفهمه، ونطمئن إليه حين لا نملك من أمرنا شيئا. وهنا يستحضر…
كان من المفترض أن يكون "المدبر" هو الاسم التالي في سلسلة "ولتصنع على عيني"…
لكن شاء الله أن أمر بهذا الموقف مما جعلني أعيد التفكير، وأتوقف قليلا.
فرغم ما في هذا الاسم من عظمة… ورغم كم الطمأنينة التي يبثها في قلب من يبتلى…
إلا أن عرضه الآن، على من تتوالى عليهم القذائف وتُدك بيوتهم فوق رؤوسهم…
قد لا يكون مناسبا، بل قد يُثقل على القلب بدل أن يُسكنه،
لأن النفس الجريحة حين تتلقى شدة فوق شدة، قد لا تقوى على رؤية التدبير في وسط الدمار.
وقد تتحول الكلمة التي قُصد بها الجبر… إلى سؤال مؤلم: أين التدبير؟ وأين الرحمة؟
وحين نخاطب أرواحا مفجوعة، علينا أن ننتظر قليلا… حتى تهدأ الفوضى في الداخل.
حتى تستوعب الأرواح أن التدبير الإلهي ليس دائمًا ظاهرا، لكنه موجود…
وأننا قد لا نراه الآن، لكننا نؤمن به… ونسلم حتى حين لا نفهم.
لذلك… التراجع عن شرح الاسم
ليس خوفا من الطرح، بل رحمة بالقلوب التي تئن، ورفقا بمن لم يُلملم شتاته بعد.
لكن شاء الله أن أمر بهذا الموقف مما جعلني أعيد التفكير، وأتوقف قليلا.
فرغم ما في هذا الاسم من عظمة… ورغم كم الطمأنينة التي يبثها في قلب من يبتلى…
إلا أن عرضه الآن، على من تتوالى عليهم القذائف وتُدك بيوتهم فوق رؤوسهم…
قد لا يكون مناسبا، بل قد يُثقل على القلب بدل أن يُسكنه،
لأن النفس الجريحة حين تتلقى شدة فوق شدة، قد لا تقوى على رؤية التدبير في وسط الدمار.
وقد تتحول الكلمة التي قُصد بها الجبر… إلى سؤال مؤلم: أين التدبير؟ وأين الرحمة؟
وحين نخاطب أرواحا مفجوعة، علينا أن ننتظر قليلا… حتى تهدأ الفوضى في الداخل.
حتى تستوعب الأرواح أن التدبير الإلهي ليس دائمًا ظاهرا، لكنه موجود…
وأننا قد لا نراه الآن، لكننا نؤمن به… ونسلم حتى حين لا نفهم.
لذلك… التراجع عن شرح الاسم
ليس خوفا من الطرح، بل رحمة بالقلوب التي تئن، ورفقا بمن لم يُلملم شتاته بعد.
#ولتصنع_على_عيني
#الحكيم
#غزة
#الأمة_تئن
ثم انطلقا، وهنا ننتقل للقصة الثانية...
في طريقهما، وجدا غلاما حسن الوجه، يلهو مع الأطفال، لا يظهر عليه إلا البراءة والجمال، فما كان من الخضر إلا أن أخذه وقتله!
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِیَا غُلَـٰما فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلتَ نَفسا زَكِیَّةَ بِغَیرِ نَفس لَّقَد جِئتَ شَیـٔا نُّكرا * قَالَ أَلَم أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَستَطِیعَ مَعِیَ صَبرا * قَالَ إِن سَأَلتُكَ عَن شَیءِ بَعدَهَا فَلَا تُصَـٰحِبنِی قَد بَلَغتَ مِن لَّدُنِّی عُذرا} [الكهف ٧٤-٧٦].
كان الموقف أشد على موسى عليه السلام، فأنكر قتله لغلام لم يرتكب ذنبا، طفل لم يعرف من الحياة إلا لعبها وبراءتها. لكن الخضر ذكره مجددا بما اتفقا عليه، وقال: {أَلَم أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَستَطِیعَ مَعِیَ صَبرا}، فاعتذر موسى مرة أخرى، وقال إن سألتك بعد هذا فلا تصاحبني، فقد بلغني العذر مبلغا.
عندما نتأمل في القصتين، نلاحظ أن ظاهرهما شر محض، وألم لا يُفهم سببه... مرة في إغراق سفينة لأناس أكرموا الضيف، ومرة في قتل غلام جميل، لكن الحقيقة أن وراء هذا الظاهر حكمة إلهية، لا تُدرك إلا من خلال علم الله المحيط، الذي لا يصل إليه عقل إنسان.
وقد كشف الخضر لموسى بعض من تلك الأسرار:
{أَمَّا ٱلسَّفِینَةُ فَكَانَت لِمَسَـٰكِینَ یَعمَلُونَ فِی ٱلبَحرِ فَأَرَدتُّ أَن أَعِیبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِك یَأخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصبا * وَأَمَّا ٱلغُلَـٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمِنَینِ فَخَشِینَا أَن یُرهِقَهُمَا طُغیَـٰنا وَكُفرا * فَأَرَدنَا أَن یُبدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَیرا مِّنهُ زَكَوٰة وَأَقرَبَ رُحما} [الكهف ٧٨- ٨١]
فالسفينة كان أصحابها فقراء، وهي مصدر رزقهم، ولو بقيت كما هي لأخذها الملك ظلما، فجاء ذلك الثقب رحمة في ثوب أذى.
وأما الغلام، فقد علم الله من غيبه أنه سيكون سببا في ضياع والديه وإفساد دينهما، فأراد لهما الخير، وأراد أن يبدلهما غلاما أنقى قلبا وأشد برا ورحمة.
ثم ختم الخضر حديثه بقوله:
{وَمَا فَعَلتُهُۥ عَن أَمرِی ذَ ٰلِكَ تَأوِیلُ مَا لَم تَسطِع عَّلَیهِ صَبرا} [الكهف ٨٢]
أي أن كل ما فعله لم يكن من عند نفسه، بل بوحي من الله ورحمته.
وفي قصة موسى مع الخضر، ظهرت الحكمة الإلهية في الحال... لكن في قصص أخرى لا تظهر إلا بعد سنوات طويلة، كقصة يوسف عليه السلام.
يوسف، الذي بدأت غربته في حضن إخوته، حين رموه في البئر، ولوّثوا قميصه بدم كاذب وقالوا لأبيه: أكله الذئب.
يوسف، الذي بيع في السوق كما تُباع البضائع، حُرم من حضن والده، ومن أمان بيته.
ثم تنقل بين فتنة وبلاء، من مراودة امرأة العزيز، إلى تهمة باطلة، إلى السجن لسنوات طويلة...
لكنه خرج من كل هذه المحن نقيا، طاهر القلب، ثابتا على الطاعة، مهيأ للتمكين، حتى جعله الله على خزائن الأرض!
كل من آذى يوسف أو ظلمه، لم يكن يعلم أنه يُسهم دون أن يدري في تحقيق قدر الله فيه، وفي تهيئته للمكانة العظيمة التي كتبها الله له... فكان لطف الله به محيطا بكل خطوة، وإن تأخرت ظهور الحكم.
وهكذا هي الابتلاءات... قد نراها ظُلما، أو ألمًا، أو ضياعا، لكنها في ميزان الله رحمة ولُطف، يُهذب بها القلوب، ويصنع بها عباده على عينه...
سوزان مصطفى بخيت
لمتابعة السلسلة عبر قناتي العامة، أو قناة السلاسل والدورات.
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان 💞
#الحكيم
#غزة
#الأمة_تئن
ثم انطلقا، وهنا ننتقل للقصة الثانية...
في طريقهما، وجدا غلاما حسن الوجه، يلهو مع الأطفال، لا يظهر عليه إلا البراءة والجمال، فما كان من الخضر إلا أن أخذه وقتله!
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰ إِذَا لَقِیَا غُلَـٰما فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلتَ نَفسا زَكِیَّةَ بِغَیرِ نَفس لَّقَد جِئتَ شَیـٔا نُّكرا * قَالَ أَلَم أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَستَطِیعَ مَعِیَ صَبرا * قَالَ إِن سَأَلتُكَ عَن شَیءِ بَعدَهَا فَلَا تُصَـٰحِبنِی قَد بَلَغتَ مِن لَّدُنِّی عُذرا} [الكهف ٧٤-٧٦].
كان الموقف أشد على موسى عليه السلام، فأنكر قتله لغلام لم يرتكب ذنبا، طفل لم يعرف من الحياة إلا لعبها وبراءتها. لكن الخضر ذكره مجددا بما اتفقا عليه، وقال: {أَلَم أَقُل لَّكَ إِنَّكَ لَن تَستَطِیعَ مَعِیَ صَبرا}، فاعتذر موسى مرة أخرى، وقال إن سألتك بعد هذا فلا تصاحبني، فقد بلغني العذر مبلغا.
عندما نتأمل في القصتين، نلاحظ أن ظاهرهما شر محض، وألم لا يُفهم سببه... مرة في إغراق سفينة لأناس أكرموا الضيف، ومرة في قتل غلام جميل، لكن الحقيقة أن وراء هذا الظاهر حكمة إلهية، لا تُدرك إلا من خلال علم الله المحيط، الذي لا يصل إليه عقل إنسان.
وقد كشف الخضر لموسى بعض من تلك الأسرار:
{أَمَّا ٱلسَّفِینَةُ فَكَانَت لِمَسَـٰكِینَ یَعمَلُونَ فِی ٱلبَحرِ فَأَرَدتُّ أَن أَعِیبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُم مَّلِك یَأخُذُ كُلَّ سَفِینَةٍ غَصبا * وَأَمَّا ٱلغُلَـٰمُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤمِنَینِ فَخَشِینَا أَن یُرهِقَهُمَا طُغیَـٰنا وَكُفرا * فَأَرَدنَا أَن یُبدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَیرا مِّنهُ زَكَوٰة وَأَقرَبَ رُحما} [الكهف ٧٨- ٨١]
فالسفينة كان أصحابها فقراء، وهي مصدر رزقهم، ولو بقيت كما هي لأخذها الملك ظلما، فجاء ذلك الثقب رحمة في ثوب أذى.
وأما الغلام، فقد علم الله من غيبه أنه سيكون سببا في ضياع والديه وإفساد دينهما، فأراد لهما الخير، وأراد أن يبدلهما غلاما أنقى قلبا وأشد برا ورحمة.
ثم ختم الخضر حديثه بقوله:
{وَمَا فَعَلتُهُۥ عَن أَمرِی ذَ ٰلِكَ تَأوِیلُ مَا لَم تَسطِع عَّلَیهِ صَبرا} [الكهف ٨٢]
أي أن كل ما فعله لم يكن من عند نفسه، بل بوحي من الله ورحمته.
وفي قصة موسى مع الخضر، ظهرت الحكمة الإلهية في الحال... لكن في قصص أخرى لا تظهر إلا بعد سنوات طويلة، كقصة يوسف عليه السلام.
يوسف، الذي بدأت غربته في حضن إخوته، حين رموه في البئر، ولوّثوا قميصه بدم كاذب وقالوا لأبيه: أكله الذئب.
يوسف، الذي بيع في السوق كما تُباع البضائع، حُرم من حضن والده، ومن أمان بيته.
ثم تنقل بين فتنة وبلاء، من مراودة امرأة العزيز، إلى تهمة باطلة، إلى السجن لسنوات طويلة...
لكنه خرج من كل هذه المحن نقيا، طاهر القلب، ثابتا على الطاعة، مهيأ للتمكين، حتى جعله الله على خزائن الأرض!
كل من آذى يوسف أو ظلمه، لم يكن يعلم أنه يُسهم دون أن يدري في تحقيق قدر الله فيه، وفي تهيئته للمكانة العظيمة التي كتبها الله له... فكان لطف الله به محيطا بكل خطوة، وإن تأخرت ظهور الحكم.
وهكذا هي الابتلاءات... قد نراها ظُلما، أو ألمًا، أو ضياعا، لكنها في ميزان الله رحمة ولُطف، يُهذب بها القلوب، ويصنع بها عباده على عينه...
سوزان مصطفى بخيت
لمتابعة السلسلة عبر قناتي العامة، أو قناة السلاسل والدورات.
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان 💞
سوزان مصطفى بخيت (متنوعة)
#اعتراف
بهذه المناسبة عندي اعتراف
اعتدت دائما الاستماع إلى اللقاءات المسجلة، نظرًا لأن اللقاءات المباشرة تكون في ساعات متأخرة من الليل، قبيل الفجر.
واعتدت أيضا تسريع المقطع، لأني أُتشتت ذهنيا حينما يكون الكلام بسرعته العادية، كما أن ذلك يتيح لي الاستماع لأكبر قدر ممكن أثناء أداء أعمالي المنزلية، فأضع سماعة البلوتوث وأنطلق في عملي.
وفي رمضان الماضي، قرر الشيخ أن يكون هناك بث مباشر وقت الفجر بتوقيتكم،
فقلت: جميل! سأتابعه مباشرا هذه المرة، لأنه يكون عندي بعد الظهر.
وهنا بدأت المغامرة 😁
بدأت الاستماع، وشعرت أن هناك شيئا غير طبيعي...
لماذا يتحدث الشيخ ببطء هكذا؟ هل هو مريض؟! 🤔
ثم جاء أحد أبنائي ليكلمني، فحاولت إيقاف الصوت من خلال السماعة، ولم يتوقف!
قلت في نفسي: لعل السماعة علقت!
لا بأس، سأذهب لاحقا وأعيد سماع هذه الفقرة، لأنها فاتتني أثناء حديثي مع ابني.
لكن كانت يدي مشغولة، فقلت: سأؤجلها قليلا…
ثم حصل شيء آخر (لا أذكره الآن) لكنه أشغلني أيضا وقلت لا بأس سأعيد تلك الفقرة أيضا…
وفجأة تنبّهت:
الشيخ ليس مريضا!
بل أنا التي اعتادت سماع صوته بسرعة، فاستغربت صوته الحقيقي وهو يتحدث ببطء.
والسماعة لم "تعلق"، لأن بكل بساطة… هذا بث مباشر، وليس تسجيلًا لأقوم بإيقافه! 😅
ومن هنا... تدركون كم أفسدتنا التقنيات والتكنولوجيا 🫣
بهذه المناسبة عندي اعتراف
اعتدت دائما الاستماع إلى اللقاءات المسجلة، نظرًا لأن اللقاءات المباشرة تكون في ساعات متأخرة من الليل، قبيل الفجر.
واعتدت أيضا تسريع المقطع، لأني أُتشتت ذهنيا حينما يكون الكلام بسرعته العادية، كما أن ذلك يتيح لي الاستماع لأكبر قدر ممكن أثناء أداء أعمالي المنزلية، فأضع سماعة البلوتوث وأنطلق في عملي.
وفي رمضان الماضي، قرر الشيخ أن يكون هناك بث مباشر وقت الفجر بتوقيتكم،
فقلت: جميل! سأتابعه مباشرا هذه المرة، لأنه يكون عندي بعد الظهر.
وهنا بدأت المغامرة 😁
بدأت الاستماع، وشعرت أن هناك شيئا غير طبيعي...
لماذا يتحدث الشيخ ببطء هكذا؟ هل هو مريض؟! 🤔
ثم جاء أحد أبنائي ليكلمني، فحاولت إيقاف الصوت من خلال السماعة، ولم يتوقف!
قلت في نفسي: لعل السماعة علقت!
لا بأس، سأذهب لاحقا وأعيد سماع هذه الفقرة، لأنها فاتتني أثناء حديثي مع ابني.
لكن كانت يدي مشغولة، فقلت: سأؤجلها قليلا…
ثم حصل شيء آخر (لا أذكره الآن) لكنه أشغلني أيضا وقلت لا بأس سأعيد تلك الفقرة أيضا…
وفجأة تنبّهت:
الشيخ ليس مريضا!
بل أنا التي اعتادت سماع صوته بسرعة، فاستغربت صوته الحقيقي وهو يتحدث ببطء.
والسماعة لم "تعلق"، لأن بكل بساطة… هذا بث مباشر، وليس تسجيلًا لأقوم بإيقافه! 😅
ومن هنا... تدركون كم أفسدتنا التقنيات والتكنولوجيا 🫣
#ولتصنع_على_عيني
#الحكيم
#غزة
#الأمة_تئن
وهكذا هي الابتلاءات... قد نراها ظُلما، أو ألمًا، أو ضياعا، لكنها في ميزان الله رحمة ولُطف، يُهذب بها القلوب، ويصنع بها عباده على عينه...
وما أجمل التعبير حين يقول أحدهم: "سأحفظك بعيني"، فنشعر بطمأنينة وراحة وأمان.
فكيف إذا كان الذي يحفظنا هو الله؟
{وَٱصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعیُنِنَا وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ حِینَ تَقُومُ * وَمِنَ ٱلَّیلِ فَسَبِّحهُ وَإِدبَـٰرَ ٱلنُّجُومِ} [الطور ٤٨ - ٤٩]
يبدأ الله سبحانه هذه الآية بدعوة إلى الصبر... الصبر على البلاء، على الألم، على الفقد، على الظلم، على كل ما قد يواجهه المؤمن في طريقه.
وحين يحثنا الله على الصبر، فذاك وعد ضمنيّ بأنه سيتولى الأمر، وأنه معنا، وأنه لن يتركنا في غمار الألم وحدنا.
لكن... إلى متى؟
{واصبر لحكم ربك}، أي إلى أن يقضي الله بحكمه، إلى أن تتم مشيئته في الوقت الذي يراه هو بحكمته.
فهو لا ينسى، ولا يغفل، ولا يترك الظالمين يفلتون، وإنما يُمهل لحكمة، ثم يقضي بما يشاء، وهو خير الحاكمين.
ثم يتبع هذا التوجيه بكلمة تفيض دفئا وتضميدا: {فإنك بأعيننا}.
سبحانك ربي... كم تربط هذه الكلمة على القلوب، تُجبرها، تغمرها بالحب، والسكينة، والطمأنينة التي نحتاجها في ثنايا الألم والخوف والضيق.
وفي نهاية الآية يوصينا الله بما يعين على الثبات ويُديم صلتنا به، فيأمرنا أن نُسبّح بحمده في كل حين... عند قيامنا، وفي جوف الليل، وقبيل الفجر...
وكأنه سبحانه يقول لنا: "ابقوا قريبين... لتظلوا مطمئنين... وليظل وعدي {فإنك بأعيننا} حيا في قلوبكم، يملؤها بالسكينة والسلام"
فمهما غفلنا عن حكمة البلاء، وتغشّت بصيرتنا غيوم الألم والظلم والفقد، لا بد أن نستحضر يقيننا بأنه الحكيم... الذي يضع كل شيء في موضعه، ويتقن تدبيره بلا خلل ولا نقص ولا زل.
سوزان مصطفى بخيت
لمتابعة السلسلة عبر قناتي العامة، أو قناة السلاسل والدورات.
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان 💞
#الحكيم
#غزة
#الأمة_تئن
وهكذا هي الابتلاءات... قد نراها ظُلما، أو ألمًا، أو ضياعا، لكنها في ميزان الله رحمة ولُطف، يُهذب بها القلوب، ويصنع بها عباده على عينه...
وما أجمل التعبير حين يقول أحدهم: "سأحفظك بعيني"، فنشعر بطمأنينة وراحة وأمان.
فكيف إذا كان الذي يحفظنا هو الله؟
{وَٱصبِر لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعیُنِنَا وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ حِینَ تَقُومُ * وَمِنَ ٱلَّیلِ فَسَبِّحهُ وَإِدبَـٰرَ ٱلنُّجُومِ} [الطور ٤٨ - ٤٩]
يبدأ الله سبحانه هذه الآية بدعوة إلى الصبر... الصبر على البلاء، على الألم، على الفقد، على الظلم، على كل ما قد يواجهه المؤمن في طريقه.
وحين يحثنا الله على الصبر، فذاك وعد ضمنيّ بأنه سيتولى الأمر، وأنه معنا، وأنه لن يتركنا في غمار الألم وحدنا.
لكن... إلى متى؟
{واصبر لحكم ربك}، أي إلى أن يقضي الله بحكمه، إلى أن تتم مشيئته في الوقت الذي يراه هو بحكمته.
فهو لا ينسى، ولا يغفل، ولا يترك الظالمين يفلتون، وإنما يُمهل لحكمة، ثم يقضي بما يشاء، وهو خير الحاكمين.
ثم يتبع هذا التوجيه بكلمة تفيض دفئا وتضميدا: {فإنك بأعيننا}.
سبحانك ربي... كم تربط هذه الكلمة على القلوب، تُجبرها، تغمرها بالحب، والسكينة، والطمأنينة التي نحتاجها في ثنايا الألم والخوف والضيق.
وفي نهاية الآية يوصينا الله بما يعين على الثبات ويُديم صلتنا به، فيأمرنا أن نُسبّح بحمده في كل حين... عند قيامنا، وفي جوف الليل، وقبيل الفجر...
وكأنه سبحانه يقول لنا: "ابقوا قريبين... لتظلوا مطمئنين... وليظل وعدي {فإنك بأعيننا} حيا في قلوبكم، يملؤها بالسكينة والسلام"
فمهما غفلنا عن حكمة البلاء، وتغشّت بصيرتنا غيوم الألم والظلم والفقد، لا بد أن نستحضر يقيننا بأنه الحكيم... الذي يضع كل شيء في موضعه، ويتقن تدبيره بلا خلل ولا نقص ولا زل.
سوزان مصطفى بخيت
لمتابعة السلسلة عبر قناتي العامة، أو قناة السلاسل والدورات.
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان 💞
Forwarded from سوزان مصطفى بخيت (متنوعة)
#ابتهالات
اللهم إني أسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعوت به، أجبت
أن تقلب قلبي على ما تحب وأن توفقني لترويضه وتهذيبه بما تحب
اللهم أنك تعلم أني لا حول لي ولا قوة إلا بك سبحانك، فاللهم إني أتبرئ إليك من حولي وقوتي،
وألتجأ إلى حولك وقوتك
ربِّ أَعِنِّي ولا تُعِنْ عليَّ،
وانصُرْني ولا تنصُرْ عليَّ،
وامكُرْ لي ولا تمكُرْ عليَّ،
اللهم أنك تعلم ما بي أكثر من نفسي، وتعلم ضعفي وقلة حيلتي، فاللهم أسألك أن تمدني بقوة من لدنك تعينني على العبور إلى بر الأمان الذي تحبه وترضاه.
رب اهدِني ويسِّرْ هُدايَ إليَّ، وارزقني اللهم حسن الخاتمة على أحب وجه ترضاه.
وانصُرْني على مَن بَغى عليَّ،
اللَّهمَّ اجعَلْني لك شاكرًة،
لك ذاكرًة،
لك راهبًة،
لك مِطواعًة،
إليك مُخبِتة و مُنيبة
ربِّ تَقبَّلْ تَوبتي،
واغسِلْ حَوْبَتي،
وأَجِبْ دعْوتي،
وثبِّتْ حُجَّتي،
واهدِ قلبي،
وسدِّدْ لِساني،
واسلُلْ سَخيمةَ قلبي.
اللهم أسألك أن تجب دعوتي بمنك وجودك وكرمك وأن تغفر لي زلاتي وتقصيري وغفلتي
ولكل من لهج قلبه بالدعوات لي
أبشروا بملك يؤمن دعاؤكم ويقول: "ولكم بالمثل"
اللهم إني أسألك باسمك الأعظم الذي إذا دعوت به، أجبت
أن تقلب قلبي على ما تحب وأن توفقني لترويضه وتهذيبه بما تحب
اللهم أنك تعلم أني لا حول لي ولا قوة إلا بك سبحانك، فاللهم إني أتبرئ إليك من حولي وقوتي،
وألتجأ إلى حولك وقوتك
ربِّ أَعِنِّي ولا تُعِنْ عليَّ،
وانصُرْني ولا تنصُرْ عليَّ،
وامكُرْ لي ولا تمكُرْ عليَّ،
اللهم أنك تعلم ما بي أكثر من نفسي، وتعلم ضعفي وقلة حيلتي، فاللهم أسألك أن تمدني بقوة من لدنك تعينني على العبور إلى بر الأمان الذي تحبه وترضاه.
رب اهدِني ويسِّرْ هُدايَ إليَّ، وارزقني اللهم حسن الخاتمة على أحب وجه ترضاه.
وانصُرْني على مَن بَغى عليَّ،
اللَّهمَّ اجعَلْني لك شاكرًة،
لك ذاكرًة،
لك راهبًة،
لك مِطواعًة،
إليك مُخبِتة و مُنيبة
ربِّ تَقبَّلْ تَوبتي،
واغسِلْ حَوْبَتي،
وأَجِبْ دعْوتي،
وثبِّتْ حُجَّتي،
واهدِ قلبي،
وسدِّدْ لِساني،
واسلُلْ سَخيمةَ قلبي.
اللهم أسألك أن تجب دعوتي بمنك وجودك وكرمك وأن تغفر لي زلاتي وتقصيري وغفلتي
ولكل من لهج قلبه بالدعوات لي
أبشروا بملك يؤمن دعاؤكم ويقول: "ولكم بالمثل"
#ولتصنع_على_عيني
#الحكيم
#غزة
#الأمة_تئن
فمهما غفلنا عن حكمة البلاء، وتغشّت بصيرتنا غيوم الألم والظلم والفقد، لا بد أن نستحضر يقيننا بأنه الحكيم... الذي يضع كل شيء في موضعه، ويتقن تدبيره بلا خلل ولا نقص ولا زل.
يقول تعالى:
{ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلمَوتَ وَٱلحَیَوٰةَ لِیَبلُوَكُم أَیُّكُم أَحسَنُ عَمَلا وَهُوَ ٱلعَزِیزُ ٱلغَفُورُ * ٱلَّذِی خَلَقَ سَبعَ سَمَـٰوَ ٰت طِبَاقا مَّا تَرَىٰ فِی خَلقِ ٱلرَّحمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُت فَٱرجِعِ ٱلبَصَرَ هَل تَرَىٰ مِن فُطُور * ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَینِ یَنقَلِب إِلَیكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئا وَهُوَ حَسِیر} [الملك : 2-4]
فإن كانت قدرته على خلق الموت والحياة والسموات بهذا القدر من الإتقان والحكمة...
أفلا يكون تقديره لآلامنا وابتلاءاتنا وإصلاحنا من باب أولى متقنا، محسوبا، مملوءا بالحكمة حتى وإن غابت عن أعيننا؟
ومن رحمته وعدله أنه جعل هناك يوما للجزاء، يجازي فيه كل إنسان على عمله:
{وَلَا تَحسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُم لِیَوم تَشخَصُ فِیهِ ٱلأَبصَـٰرُ} [إبراهيم ٤٢]
ومع ذلك، لا يُمهل الظالمين في الدنيا على الدوام، بل يُرسل عليهم من الابتلاءات ما يكون تذكرة لما سيلاقونه في الآخرة...
لكننا نحتاج إلى صبر طويل، ويقين عميق، وانتظار لا تضعفه المدة.
ألا نرى المجرم في الدنيا قد ينتظر شهورا أو سنوات ليصدر عليه الحكم؟
لكنه في النهاية يناله...
فكيف بمن ينتظر حكم ملك الملوك؟
الذي من سنته أنه يُمهل، وأن يمد الحبل للظالم والمظلوم على السواء، ليُظهر ما في القلوب، ويبلغ كل نهايته.
لكن الحبل لا يبقى مرخيا إلى الأبد...
فهو محدد باجل، والنتيجة معلومة عنده، والعاقبة للمتقين.
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى
ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها
فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
سوزان مصطفى بخيت
لمتابعة السلسلة عبر قناتي العامة، أو قناة السلاسل والدورات.
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان 💞
#الحكيم
#غزة
#الأمة_تئن
فمهما غفلنا عن حكمة البلاء، وتغشّت بصيرتنا غيوم الألم والظلم والفقد، لا بد أن نستحضر يقيننا بأنه الحكيم... الذي يضع كل شيء في موضعه، ويتقن تدبيره بلا خلل ولا نقص ولا زل.
يقول تعالى:
{ٱلَّذِی خَلَقَ ٱلمَوتَ وَٱلحَیَوٰةَ لِیَبلُوَكُم أَیُّكُم أَحسَنُ عَمَلا وَهُوَ ٱلعَزِیزُ ٱلغَفُورُ * ٱلَّذِی خَلَقَ سَبعَ سَمَـٰوَ ٰت طِبَاقا مَّا تَرَىٰ فِی خَلقِ ٱلرَّحمَـٰنِ مِن تَفَـٰوُت فَٱرجِعِ ٱلبَصَرَ هَل تَرَىٰ مِن فُطُور * ثُمَّ ٱرجِعِ ٱلبَصَرَ كَرَّتَینِ یَنقَلِب إِلَیكَ ٱلبَصَرُ خَاسِئا وَهُوَ حَسِیر} [الملك : 2-4]
فإن كانت قدرته على خلق الموت والحياة والسموات بهذا القدر من الإتقان والحكمة...
أفلا يكون تقديره لآلامنا وابتلاءاتنا وإصلاحنا من باب أولى متقنا، محسوبا، مملوءا بالحكمة حتى وإن غابت عن أعيننا؟
ومن رحمته وعدله أنه جعل هناك يوما للجزاء، يجازي فيه كل إنسان على عمله:
{وَلَا تَحسَبَنَّ ٱللَّهَ غَـٰفِلًا عَمَّا یَعمَلُ ٱلظَّـٰلِمُونَ إِنَّمَا یُؤَخِّرُهُم لِیَوم تَشخَصُ فِیهِ ٱلأَبصَـٰرُ} [إبراهيم ٤٢]
ومع ذلك، لا يُمهل الظالمين في الدنيا على الدوام، بل يُرسل عليهم من الابتلاءات ما يكون تذكرة لما سيلاقونه في الآخرة...
لكننا نحتاج إلى صبر طويل، ويقين عميق، وانتظار لا تضعفه المدة.
ألا نرى المجرم في الدنيا قد ينتظر شهورا أو سنوات ليصدر عليه الحكم؟
لكنه في النهاية يناله...
فكيف بمن ينتظر حكم ملك الملوك؟
الذي من سنته أنه يُمهل، وأن يمد الحبل للظالم والمظلوم على السواء، ليُظهر ما في القلوب، ويبلغ كل نهايته.
لكن الحبل لا يبقى مرخيا إلى الأبد...
فهو محدد باجل، والنتيجة معلومة عنده، والعاقبة للمتقين.
وَلَرُبَّ نازِلَةٍ يَضيقُ لَها الفَتى
ذَرعاً وَعِندَ اللَهِ مِنها المَخرَجُ
ضاقَت فَلَمّا اِستَحكَمَت حَلَقاتُها
فُرِجَت وَكُنتُ أَظُنُّها لا تُفرَجُ
سوزان مصطفى بخيت
لمتابعة السلسلة عبر قناتي العامة، أو قناة السلاسل والدورات.
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان 💞
#ولتصنع_على_عيني
#الحكيم
#غزة
#الأمة_تئن
ويقول تعالى:
{حَتَّىٰ إِذَا ٱستَیـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُم قَد كُذِبُوا جَاءَهُم نَصرُنَا فَنُجِّیَ مَن نَّشَاءُ وَلَا یُرَدُّ بَأسُنَا عَنِ ٱلقَومِ ٱلمُجرِمِینَ} [يوسف ١١٠]
حتى الرسل... بلغ بهم البلاء مبلغا عظيما، دعوا الله، وتضرعوا، وناجوه، وطال الانتظار...
ثم، حين استحكمت حلقات الكرب، وانقطعت الأسباب، وتوجهت القلوب خالصة إلى الله...
نزل النصر.
كأن الله أراد أن تتجرّد القلوب من كل اعتماد، إلا عليه.
حينئذ... يأتي الفرج، ويأتي النصر، وتأتي النجاة.
فالله سبحانه يرعى عباده مما يضرهم، ويمنع عنهم من الشرور ما لا يعلمونه، ويدفع عنهم الأذى وإن لم يدركوه...
{إِنَّ ٱللَّهَ یُدَ ٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ خَوَّان كَفُورٍ} [الحج ٣٨]
لكن تدبيره لا يأتي بمنظورنا القاصر المحدود...
بل من عدله الواسع، وعلمه المحيط، ورحمته التي لا تنتهي.
فعلينا أن نطمئن...
وأن نثق بحكمته وإن جهلنا الحكمة،
ونوقن أن الابتلاءات ما هي إلا طريق من طرق العبودية، يربينا الله بها، ويهذبنا، ويقربنا، لنرتقي بها إليه.
ختاما،
ما من بلاء نمر به إلا وفي طياته رحمة خفية، يد إلهية تصوغنا وتربينا وتفتح لنا أبوابا من القرب والتجلي ما كنا لندركها في الرخاء.
قد نبكي من الألم، نضيق من شدة الابتلاء، تتساءل أرواحنا في العتمة: "لماذا؟"
لكن حين نرجع إلى القرآن، ونتأمل في حكمة العزيز الرحيم، ندرك أن البلاء ما هو إلا مِعراج للقلوب، ومحراب جديد للعبادة، وميدان لصناعة النفوس على عين الله.
فالله لا يبتلينا ليُهلكنا، بل ليُصلحنا، ليطهرنا، ليعدّنا لشيء أعظم لا نراه الآن…
وما دامت عينه ترعانا، وعنايته تحيط بنا، فلا خوف، ولا ضياع… فقط طمأنينة تسكن القلب مهما اشتد الألم.
فلنُسلم له الأمر، ولنرض بحكمه، ولنبق على يقين أنه وإن تأخر الفرج فهو آت لا محالة، أجمل مما كنا نتوقع.
جميل! بما أن المقال كان رحلة وجدانية وتأملية حول حكمة الله في الابتلاء وصناعته لعباده على عينه، فالتطبيقات العملية ينبغي أن تُترجم هذه المعاني العميقة إلى سلوكيات ملموسة، وتكون أدوات تساعدنا على الثبات واليقين في أوقات البلاء.
سوزان مصطفى بخيت
لمتابعة السلسلة عبر قناتي العامة، أو قناة السلاسل والدورات.
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان 💞
#الحكيم
#غزة
#الأمة_تئن
ويقول تعالى:
{حَتَّىٰ إِذَا ٱستَیـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُم قَد كُذِبُوا جَاءَهُم نَصرُنَا فَنُجِّیَ مَن نَّشَاءُ وَلَا یُرَدُّ بَأسُنَا عَنِ ٱلقَومِ ٱلمُجرِمِینَ} [يوسف ١١٠]
حتى الرسل... بلغ بهم البلاء مبلغا عظيما، دعوا الله، وتضرعوا، وناجوه، وطال الانتظار...
ثم، حين استحكمت حلقات الكرب، وانقطعت الأسباب، وتوجهت القلوب خالصة إلى الله...
نزل النصر.
كأن الله أراد أن تتجرّد القلوب من كل اعتماد، إلا عليه.
حينئذ... يأتي الفرج، ويأتي النصر، وتأتي النجاة.
فالله سبحانه يرعى عباده مما يضرهم، ويمنع عنهم من الشرور ما لا يعلمونه، ويدفع عنهم الأذى وإن لم يدركوه...
{إِنَّ ٱللَّهَ یُدَ ٰفِعُ عَنِ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا إِنَّ ٱللَّهَ لَا یُحِبُّ كُلَّ خَوَّان كَفُورٍ} [الحج ٣٨]
لكن تدبيره لا يأتي بمنظورنا القاصر المحدود...
بل من عدله الواسع، وعلمه المحيط، ورحمته التي لا تنتهي.
فعلينا أن نطمئن...
وأن نثق بحكمته وإن جهلنا الحكمة،
ونوقن أن الابتلاءات ما هي إلا طريق من طرق العبودية، يربينا الله بها، ويهذبنا، ويقربنا، لنرتقي بها إليه.
ختاما،
ما من بلاء نمر به إلا وفي طياته رحمة خفية، يد إلهية تصوغنا وتربينا وتفتح لنا أبوابا من القرب والتجلي ما كنا لندركها في الرخاء.
قد نبكي من الألم، نضيق من شدة الابتلاء، تتساءل أرواحنا في العتمة: "لماذا؟"
لكن حين نرجع إلى القرآن، ونتأمل في حكمة العزيز الرحيم، ندرك أن البلاء ما هو إلا مِعراج للقلوب، ومحراب جديد للعبادة، وميدان لصناعة النفوس على عين الله.
فالله لا يبتلينا ليُهلكنا، بل ليُصلحنا، ليطهرنا، ليعدّنا لشيء أعظم لا نراه الآن…
وما دامت عينه ترعانا، وعنايته تحيط بنا، فلا خوف، ولا ضياع… فقط طمأنينة تسكن القلب مهما اشتد الألم.
فلنُسلم له الأمر، ولنرض بحكمه، ولنبق على يقين أنه وإن تأخر الفرج فهو آت لا محالة، أجمل مما كنا نتوقع.
جميل! بما أن المقال كان رحلة وجدانية وتأملية حول حكمة الله في الابتلاء وصناعته لعباده على عينه، فالتطبيقات العملية ينبغي أن تُترجم هذه المعاني العميقة إلى سلوكيات ملموسة، وتكون أدوات تساعدنا على الثبات واليقين في أوقات البلاء.
سوزان مصطفى بخيت
لمتابعة السلسلة عبر قناتي العامة، أو قناة السلاسل والدورات.
💞 نسَيْنا أو تَنَاسَيْنا، سَتَزهَرُ هَا هُنَا بِذْرَةُ الإيمَان 💞
Forwarded from رحالة في غزة
اشتدّ ضربُ المدفع واقترب، وما لبثنا قليلاً حتى سمعنا صوتًا غريبًا… كأنه وحشٌ من حديد يجرّ جثث النهار خلفه. كان صوتَ الدبابات، لأول مرة.
تجمعنا بهدوءٍ حذر، نحاول التماسك كي لا نربك بعضنا، نتبادل الكلمات همسًا:
“سنبقى هنا، إلى أين سنذهب في هذا الليل المظلم؟”
قاطعنا صوتُ جنازير… وآخرُ جاء من الخارج مذعورًا:
“الدبابات قريبة جدًا، يجب أن نهرب فورًا قبل أن نُحاصَر!”
في لحظة، دبّ الهلعُ في قلوبنا، أيقظنا من كان نائمًا من الأطفال، وارتدت الفتيات ما وجدنَه أمامهن من أحجبةِ الصلاة. منّا من استطاع أن ينتزع ثوانيَ ليرتدي حذاءه، ومنّا من خرج حافيًا إلى العراء.
قررنا الخروج سيرًا، حتى لا نلفت أنظارَ الأنذال.
لا خيار أمامنا… سنقفز من الحائط الخلفي جميعًا.
وقف أكبرُنا عند الجدار، يتلقى واحدًا تلو الآخر، يرفعهم إلى الأعلى، ويضعهم مستلقين فوق الحافة، ثم يقذفهم إلى الجانب الآخر…
الأنفاسُ مقطوعة، الأجسادُ تنزلق، والأرجلُ تنزف.
هرولنا عبر الأراضي، نتّبع الطرقَ الفرعية، عكس اتجاهِ الدبابات.
العتمةُ موحشة، لا نرى ما الذي أمامنا إلا بما نشعر به من وخزاتٍ وكدماتٍ في أقدامنا.
طائراتُهم فوقنا جوًّا، وآلياتُهم خلفنا برًّا.
أُطبقَ على أفواهنا من شدةِ الخوف، إلا من ترديدِ الشهادتين.
ابتعدنا قليلًا، حتى وصلنا إلى بيتٍ احتمينا تحته، نتشاور على عجلٍ مع أهله:
“من أي طريق نكمل؟”
وفجأة، عاد رجلٌ وزوجته من أولئك الذين سبقونا، وجهُهما يتقطر رعبًا، قد فوجئوا بآلياتِ أحفادِ القردة أمامهم!
تسللوا خلسة، وعادوا يحذروننا.
تجمعنا من جديد، وخرجنا جماعاتٍ عبر منفذ النجاة الأخير، نركض وسط المتاهاتِ والأحراش.
على الطرف الآخر، أحبّةٌ قرأوا الخبر: هجوم عسكري مفاجئ بالدبابات على منطقة…
القلقُ يتآكلهم واحدًا تلو الآخر، رنينُ الهواتف لا يتوقف.
ومع كل اتصال، يتصاعد التوتر…
فطائراتُ الاستطلاع لا تفارق السماء، تراقب كل تحرك، ترصد كل خطوة.
نركض، والشهادتان ملازمةٌ ألسنتَنا.
كل لحظة قد تكون الأخيرة.
نحاول تحديدَ اتجاهِ الآليات من صوت المدفعية وغبارها، الكلُّ يُخمّن ويتوقع…
ثم نعود لنلهث ونتشاهد مجددًا، حتى صاح شيخٌ بيننا بصوتٍ عالٍ، يخفف عنا:
“ما في خوف… قولوا: يا رب، إحنا مع بعض.”
طوال الطريق، نتفقد بعضنا:
“أين… أنا هنا… أطفئوا الكشافات… أطفئ الهاتف… سأطمئنهم ثم أغلقه.”
“إذا ظلّينا عايشين، بنطمّنهم… أطفئوا الهواتف… خلّونا نعرف لوين بدنا نروح.”
غبارُ الآليات لا يزال خلفنا، أسرعنا خطواتنا، حتى وصلنا إلى شارعٍ عام وابتعدنا عن المنطقة.
هدأ الوضعُ قليلًا، لكن الطريق ما زال طويلًا.
“لنجلس بجانب الطريق ننتظر طلوع النهار، لم نعد نملك طاقةً للمشي.”
“اصبروا، خلّونا نكمل لعند ما نوصل المشفى.”
وبعد مسافة ٣ كيلومترات من الركضِ والخوفِ وترديدِ الشهادتين، وصلنا أخيرًا إلى بيتٍ نعرف صاحبَه.
كانت الساعة الثانية عشرة ليلًا
تجمعنا بهدوءٍ حذر، نحاول التماسك كي لا نربك بعضنا، نتبادل الكلمات همسًا:
“سنبقى هنا، إلى أين سنذهب في هذا الليل المظلم؟”
قاطعنا صوتُ جنازير… وآخرُ جاء من الخارج مذعورًا:
“الدبابات قريبة جدًا، يجب أن نهرب فورًا قبل أن نُحاصَر!”
في لحظة، دبّ الهلعُ في قلوبنا، أيقظنا من كان نائمًا من الأطفال، وارتدت الفتيات ما وجدنَه أمامهن من أحجبةِ الصلاة. منّا من استطاع أن ينتزع ثوانيَ ليرتدي حذاءه، ومنّا من خرج حافيًا إلى العراء.
قررنا الخروج سيرًا، حتى لا نلفت أنظارَ الأنذال.
لا خيار أمامنا… سنقفز من الحائط الخلفي جميعًا.
وقف أكبرُنا عند الجدار، يتلقى واحدًا تلو الآخر، يرفعهم إلى الأعلى، ويضعهم مستلقين فوق الحافة، ثم يقذفهم إلى الجانب الآخر…
الأنفاسُ مقطوعة، الأجسادُ تنزلق، والأرجلُ تنزف.
هرولنا عبر الأراضي، نتّبع الطرقَ الفرعية، عكس اتجاهِ الدبابات.
العتمةُ موحشة، لا نرى ما الذي أمامنا إلا بما نشعر به من وخزاتٍ وكدماتٍ في أقدامنا.
طائراتُهم فوقنا جوًّا، وآلياتُهم خلفنا برًّا.
أُطبقَ على أفواهنا من شدةِ الخوف، إلا من ترديدِ الشهادتين.
ابتعدنا قليلًا، حتى وصلنا إلى بيتٍ احتمينا تحته، نتشاور على عجلٍ مع أهله:
“من أي طريق نكمل؟”
وفجأة، عاد رجلٌ وزوجته من أولئك الذين سبقونا، وجهُهما يتقطر رعبًا، قد فوجئوا بآلياتِ أحفادِ القردة أمامهم!
تسللوا خلسة، وعادوا يحذروننا.
تجمعنا من جديد، وخرجنا جماعاتٍ عبر منفذ النجاة الأخير، نركض وسط المتاهاتِ والأحراش.
على الطرف الآخر، أحبّةٌ قرأوا الخبر: هجوم عسكري مفاجئ بالدبابات على منطقة…
القلقُ يتآكلهم واحدًا تلو الآخر، رنينُ الهواتف لا يتوقف.
ومع كل اتصال، يتصاعد التوتر…
فطائراتُ الاستطلاع لا تفارق السماء، تراقب كل تحرك، ترصد كل خطوة.
نركض، والشهادتان ملازمةٌ ألسنتَنا.
كل لحظة قد تكون الأخيرة.
نحاول تحديدَ اتجاهِ الآليات من صوت المدفعية وغبارها، الكلُّ يُخمّن ويتوقع…
ثم نعود لنلهث ونتشاهد مجددًا، حتى صاح شيخٌ بيننا بصوتٍ عالٍ، يخفف عنا:
“ما في خوف… قولوا: يا رب، إحنا مع بعض.”
طوال الطريق، نتفقد بعضنا:
“أين… أنا هنا… أطفئوا الكشافات… أطفئ الهاتف… سأطمئنهم ثم أغلقه.”
“إذا ظلّينا عايشين، بنطمّنهم… أطفئوا الهواتف… خلّونا نعرف لوين بدنا نروح.”
غبارُ الآليات لا يزال خلفنا، أسرعنا خطواتنا، حتى وصلنا إلى شارعٍ عام وابتعدنا عن المنطقة.
هدأ الوضعُ قليلًا، لكن الطريق ما زال طويلًا.
“لنجلس بجانب الطريق ننتظر طلوع النهار، لم نعد نملك طاقةً للمشي.”
“اصبروا، خلّونا نكمل لعند ما نوصل المشفى.”
وبعد مسافة ٣ كيلومترات من الركضِ والخوفِ وترديدِ الشهادتين، وصلنا أخيرًا إلى بيتٍ نعرف صاحبَه.
كانت الساعة الثانية عشرة ليلًا
#تأملات_ووقفات
«ستمضي الأيام، وتمرّ السنوات،
وسينقشع الضباب الذي شوّش رؤيتنا ذات يوم…
حينها، نكتشف أن من ظننّاه ظالمًا،
كان في الحقيقة أكثر من تحمّل… وأشدّ من تأذّى وصبر.
وفي تلك اللحظة، لن يحتاج إلى اعتذار طويل، ولا إلى كلمات متأخرة،
بل إلى اعترافٍ صامت...
وهدية صغيرة... تحمل نكهة الهوت تشوكليت☕️ الذي يحبّه،
وتقول له بلطف: "أنا آسف… وقد فهمت أخيرًا."»
«ستمضي الأيام، وتمرّ السنوات،
وسينقشع الضباب الذي شوّش رؤيتنا ذات يوم…
حينها، نكتشف أن من ظننّاه ظالمًا،
كان في الحقيقة أكثر من تحمّل… وأشدّ من تأذّى وصبر.
وفي تلك اللحظة، لن يحتاج إلى اعتذار طويل، ولا إلى كلمات متأخرة،
بل إلى اعترافٍ صامت...
وهدية صغيرة... تحمل نكهة الهوت تشوكليت
وتقول له بلطف: "أنا آسف… وقد فهمت أخيرًا."»
Please open Telegram to view this post
VIEW IN TELEGRAM
#بوح_القلب
اشتقت لنفسي.
واشتقت لقلمي…
اشتقت لكتاباتي التي كانت تسكنني وتمنحني الحياة.
أفتقد سلسلة نبض الآيات، وملامستها الصادقة للواقع، وغوصها في أعماق النفوس.
أفتقد في بيتنا مسك، بكل ما تحويه من مواقف ومغامرات ودفء عائلة.
أفتقد نصائح غربية، وما كانت تحمله من تأملات في تفاصيل الغربة ومفارقاتها.
أفتقد الحديث عن الأنماط الشخصية، وخاصة النمط الغربي… ذاك المغامر العفوي الذي يلون الحكايات.
أفتقد الكثير والكثير...
لكن الأكثر وجعًا أنني فقدت الوصال مع كل هذا،
وكلما عزمت أن أمسك قلمي وأبدأ،
يقف بيني وبينهم ألف حاجزٍ وحاجز…
وفوق هذا كله،
أفتقد قلبي…
ذلك القلب الذي كان نبضه هو مداد كلماتي،
وسلاسلي، وأحلامي الصغيرة.
اللهم إن الشوق أثقل روحي…
فأعد لي قلبي وقلَمي،
وأعدني إلى ذاتي التي عرفتُك بها وأحببتك من خلالها
اللهم لا تُطفئ شعلة الحرف فينا، واجعلها لك، وبك، وفيك.
اشتقت لنفسي.
واشتقت لقلمي…
اشتقت لكتاباتي التي كانت تسكنني وتمنحني الحياة.
أفتقد سلسلة نبض الآيات، وملامستها الصادقة للواقع، وغوصها في أعماق النفوس.
أفتقد في بيتنا مسك، بكل ما تحويه من مواقف ومغامرات ودفء عائلة.
أفتقد نصائح غربية، وما كانت تحمله من تأملات في تفاصيل الغربة ومفارقاتها.
أفتقد الحديث عن الأنماط الشخصية، وخاصة النمط الغربي… ذاك المغامر العفوي الذي يلون الحكايات.
أفتقد الكثير والكثير...
لكن الأكثر وجعًا أنني فقدت الوصال مع كل هذا،
وكلما عزمت أن أمسك قلمي وأبدأ،
يقف بيني وبينهم ألف حاجزٍ وحاجز…
وفوق هذا كله،
أفتقد قلبي…
ذلك القلب الذي كان نبضه هو مداد كلماتي،
وسلاسلي، وأحلامي الصغيرة.
اللهم إن الشوق أثقل روحي…
فأعد لي قلبي وقلَمي،
وأعدني إلى ذاتي التي عرفتُك بها وأحببتك من خلالها
اللهم لا تُطفئ شعلة الحرف فينا، واجعلها لك، وبك، وفيك.
سوزان مصطفى بخيت (متنوعة)
#تأملات_ووقفات «ستمضي الأيام، وتمرّ السنوات، وسينقشع الضباب الذي شوّش رؤيتنا ذات يوم… حينها، نكتشف أن من ظننّاه ظالمًا، كان في الحقيقة أكثر من تحمّل… وأشدّ من تأذّى وصبر. وفي تلك اللحظة، لن يحتاج إلى اعتذار طويل، ولا إلى كلمات متأخرة، بل إلى اعترافٍ صامت...…
#تأملات_ووقفات
«ربما لن تشعر بلحظة قوة حقيقية…
إلا حين تبتسم لشخص أخطأ إليك، وتنصرف دون عتاب.
القوة ليست في الصوت، بل في الصمت.»
«ربما لن تشعر بلحظة قوة حقيقية…
إلا حين تبتسم لشخص أخطأ إليك، وتنصرف دون عتاب.
القوة ليست في الصوت، بل في الصمت.»